كان سعود قد أطلق متجره الإلكتروني بكل حماس. صور احترافية، أسعار منافسة، وشحن سريع لكن، بعد أسابيع من الإطلاق، كانت النتيجة محبطة: زيارات كثيرة، مبيعات قليلة، و”العربة فارغة” أغلب الوقت.
في أحد الأيام، وبينما يتصفح الإنترنت متنهّداً، صادف مقالاً يتحدث عن التسويق بالمحتوى للمتاجر الإلكترونية، ضحك في نفسه وقال: “يعني أكتب كم تدوينة وتتحسّن المبيعات؟ يا ليت الأمور بهالسهولة!”
لكن فضوله تغلّب على شكّه، وبدأ يقرأ ثم جرّب. وبعد أشهر قليلة، تغيّر كل شيء.
صار الزوّار يقضون وقتًا أطول، يتفاعلون، يشترون، ويرجعون. متجره لم يعُد مجرد منصة بيع، بل أصبح “صوتًا” موثوقًا ومصدرًا للفائدة.
ما فعله سعود لم يكن سحرًا، بل تطبيقًا ذكيًا لاستراتيجية تسويقية أثبتت فعاليتها في العالم الرقمي: المحتوى هو من يفتح الباب، ويُقنع العميل أن يدخل ويستقر.
في هذا المقال، سنمشي معًا خطوة بخطوة على الطريق الذي سلكه سعود، ونكشف كيف يحوّل المحتوى الجيّد المتجر من مجرد واجهة منتجات إلى تجربة لا تُنسى.
فلنبدأ أول فصول هذه الرحلة..
كيف يغيّر التسويق بالمحتوى طريقة تعامل العميل مع متجرك؟
عندما توقّف سعود عن ملاحقة الزوار، وبدأ يقدّم لهم محتوى يلامس اهتماماتهم، تغيّر كل شيء صار العميل يعود بإرادته، لا بدعوة.
هذا بالضبط ما يفعله التسويق بالمحتوى للمتاجر الإلكترونية، الفكرة ليست أن تبيع فورًا، بل أن تبني علاقة طويلة الأمد تبدأ بالمعلومة، وتنمو بالثقة. فعندما تقدم محتوى يعلّم، يوجّه، أو يلهم، يصبح متجرك أكثر من مجرد مكان للبيع يصبح مرجعًا.
كيف يتحقق ذلك؟ ببعض الخطوات الذكية:
- اصنع محتوى يساعد العميل على اتخاذ القرار، بدلًا من دفعه إليه.
- استثمر في بناء جمهور يتفاعل، لا فقط زوّار يمرّون مرور الكرام.
- شارك قيم متجرك وأسلوبه بشكل يجعل العميل يشعر بأنه جزء من التجربة.
المحتوى الناجح لا يُقنع العميل بالشراء فقط، بل يجعله يختار العودة من تلقاء نفسه، لكن حتى ينجح هذا المحتوى، يجب أن يُخاطب العميل بلغة تناسب “المرحلة” التي يمر بها.
فهم رحلة العميل قبل كتابة أي محتوى
بعد أن اتفقنا أن المحتوى قادر على بناء علاقة طويلة الأمد مع العميل، يبقى السؤال الذهبي، ما الذي يجب أن تقوله للعميل، ومتى؟
فكّر فيها كأنك في مجلس هل تبدأ الحديث مباشرة بطلب البيع؟ أكيد لا، تبدأ أولًا بالتعارف، ثم تبني الثقة، وبعدها يأتي الحديث الجدي. نفس المنطق ينطبق على التسويق بالمحتوى للمتاجر الإلكترونية.
من هنا، تأتي أهمية فهم رحلة العميل، لأنها البوصلة التي تحدد نوع المحتوى المناسب في كل لحظة.
مراحل رحلة العميل الأساسية
مرحلة الوعي (Awareness)
- العميل يدرك وجود مشكلة أو حاجة.
- هنا، المحتوى لا يجب أن يبيع، بل أن يعرّف، يعلّم، ويطرح الأسئلة الصحيحة.
أمثلة:
- مقالات تعليمية مثل: “كيف تختار جهاز القهوة المثالي لمنزلك؟”
- فيديوهات قصيرة تشرح المشكلة أو تسلط الضوء على نمط حياة.
مرحلة التفكير (Consideration)
- العميل يبحث عن حلول ويقارن الخيارات.
- هنا يأتي دور المحتوى الذي يعرض مزايا المنتجات ويجيب عن التساؤلات.
أمثلة:
- مقارنات بين منتجاتك وبدائل السوق.
- تقييمات وتجارب عملاء حقيقية.
- فيديوهات توضح استخدام المنتج بوضوح.
مرحلة القرار (Decision)
- العميل تقريبًا اقتنع، لكنه يحتاج دفعة أخيرة.
- في هذه المرحلة، المحتوى يجب أن يكون مُقنعًا ومباشرًا دون ضغط.
أمثلة:
- عروض خاصة محدودة الوقت.
- قصص نجاح أو مراجعات إيجابية من عملاء حاليين.
- صفحات منتج قوية وواضحة مع محتوى بصري جذّاب.
ما بعد الشراء (Post-Purchase / Retention)
- العميل اشترى… لكن المهمة لم تنتهِ بعد!
- هنا، يركّز المحتوى على تعزيز الولاء وتشجيع الشراء المتكرر.
أمثلة:
- رسائل شكر مخصصة مع نصائح بعد الشراء.
- محتوى تعليمي لاستخدام المنتج بفعالية.
- دعوات لمشاركة تجربتهم (UGC).
باختصار، كتابة المحتوى دون فهم رحلة العميل يشبه إرسال هدية ثم نسيان كتابة اسم المرسل عليها. قد تكون رائعة، لكن من سيفهم المغزى؟
وفهم هذه الرحلة والعوامل المؤثرة في سلوك المستهلك هو الخطوة الأولى لتخصيص المحتوى بشكل يلامس العميل فعلًا.
أنواع المحتوى الفعّال للمتاجر الإلكترونية
الآن وقد فهمنا رحلة العميل، أصبحنا نعرف أن كل مرحلة تحتاج إلى محتوى “يناسب مقاسها”. لكن السؤال الذي يراود أي صاحب متجر ما هي أنواع المحتوى التي تثبت فعاليتها فعلًا؟
في الحقيقة لا يوجد “محتوى سحري يناسب الجميع”، لكن هناك أنواع مدروسة تحقق نتائج واضحة في التسويق بالمحتوى للمتاجر الإلكترونية. إليك أبرزها:
المحتوى التعليمي
- هذا النوع يقدّم فائدة مباشرة للعميل. لا يروّج، بل يُرشد.
- مثل: مقالات تشرح استخدام المنتج، فيديوهات توضيحية، نصائح للاختيار.
- الهدف: جذب العميل في مرحلة الوعي، وتعزيز مصداقيتك.
المحتوى الإلهامي (Inspiration)
- هنا تلعب على وتر “أسلوب الحياة”. تبيع الشعور، لا المنتج فقط.
- مثل: صور جميلة لمنتجاتك ضمن سيناريو جذّاب، فيديوهات تظهر كيف يندمج المنتج مع نمط حياة العميل.
- الهدف: تحفيز الشراء عبر الإلهام البصري والعاطفي.
المحتوى الذي يحل المشاكل
- العميل في مرحلة التردد؟ هذا النوع يساعده على تجاوز العقبات.
- مثل: صفحات “الأسئلة الشائعة”، محتوى يرد على اعتراضات شائعة، نصائح لحل مشكلات ما بعد الشراء.
- الهدف: تقليل الحواجز النفسية وتحسين تجربة المستخدم.
المحتوى الاجتماعي (UGC)
- صوت العميل أصدق من ألف حملة إعلانية.
- مثل: تقييمات، صور العملاء مع المنتج، مراجعات فيديو.
- الهدف: بناء ثقة من خلال التجارب الواقعية، وخلق شعور مجتمعي حول متجرك.
المحتوى المقارن
- العميل يقارن؟ ساعده بدل أن تتركه يبحث وحده.
- مثل: مقالات أو جداول تقارن بين منتجك ومنتجات أخرى، توضيح الفروقات والميزات.
- الهدف: تسهيل اتخاذ القرار، وتأكيد تميزك.
لا تحتاج إلى أن تستخدم كل هذه الأنواع دفعة واحدة، بل أن تعرف أيها يخدم هدفك الحالي وتبدأ منه.
استراتيجيات لتحويل الزائر إلى عميل دائم عبر المحتوى
أن تقدّم محتوى جيدًا هذا أمر ممتاز، لكن أن تعرف كيف توجّهه بذكاء ليحوّل الزائر إلى عميل فهنا يكمن الفارق الحقيقي في التسويق بالمحتوى للمتاجر الإلكترونية.
فكّر في الزائر كضيف في مجلسك، لا يكفي أن تُحسن الضيافة، بل يجب أن تعرف متى تُقدّم القهوة، ومتى تعرِض عليه المنتج، ومتى تدعوه للعودة مرة أخرى.
إليك أربع استراتيجيات مجرّبة، يستخدمها كبار المسوّقين لتوجيه رحلة العميل نحو الشراء والولاء:
التخصيص (Personalization)
لا أحد يحب أن يشعر أنه مجرد “رقم”، والعميل أذكى من أن يقع في فخ المحتوى العام، لذلك، اجعل المحتوى يبدو وكأنه كُتب خصيصًا له:
- استخدم بيانات التصفح لعرض مقالات أو منتجات تناسب اهتماماته.
- أرسل له رسائل أو توصيات بناءً على سلوكه داخل المتجر.
- اعرض له محتوى ذات صلة بآخر منتج تصفحه أو اشتراه.
التخصيص لا يزيد فقط من التفاعل، بل يُشعر العميل بأنك تفهمه، وتُقدّر وقته واحتياجاته.
تسلسل المحتوى (Content Funnel)
لا تفترض أن العميل جاهز للشراء من أول نقرة، المحتوى الناجح يقوده بخطوات ناعمة ومدروسة نحو القرار:
- مقال تعليمي، فيديو توضيحي، صفحة منتج، عرض خاص
- أو منشور تحفيزي، تجربة عميل، مقارنة بين المنتجات، سلة الشراء
ربط المحتوى بهذه الطريقة يصنع تجربة متكاملة لا يشعر العميل معها بأنه يُدفع، بل يُقنع.
الندرة والعجلة (Scarcity & Urgency)
هل جرّبت أن تدخل مطعمًا فقط لأنه مزدحم؟ أو تشتري منتجًا لأن “الكمية محدودة”؟ هذا هو مفعول الندرة والعجلة.
أضف عنصر الإلحاح في المحتوى الذكي:
- “العرض ينتهي خلال 48 ساعة”
- “لم يتبقَّ سوى 3 قطع”
- “سجل الآن لتكون من أوائل من يحصلون على المنتج”
هذه الاستراتيجية ترفع معدلات التحويل بشرط أن تكون صادقة ومحترفة، لا ضغطًا مزعجًا.
المكافآت (Exclusive Content & Rewards)
العملاء المخلصون يحبون أن يشعروا بأنهم مميزون فلم لا تمنحهم هذا الشعور؟
- أرسل محتوى حصري للمشتركين في البريد الإلكتروني.
- خصم خاص لمتابعي إنستغرام النشطين.
- هدية صغيرة عند الشراء الثاني.
- وصول مبكر لعروض موسمية أو إطلاقات جديدة.
وفق الخبراء فإن هذا النوع من التقدير يصنع ولاءً طويل المدى، ويحوّل العميل إلى سفير حقيقي لمتجرك.
باختصار، لا يكفي أن تصنع محتوى رائعًا، بل يجب أن توصله للعميل بالطريقة الصحيحة، وفي اللحظة المناسبة.
دمج المحتوى مع تجربة المتجر
الآن وقد أصبحت تملك محتوى عالي الجودة، موجّهًا، ومدروسًا يبقى سؤال واحد، أين تضع هذا المحتوى؟ لأن المحتوى المنعزل مثل موظف مميز في قسم مغلق.
في التسويق بالمحتوى للمتاجر الإلكترونية، القوة لا تكمن فقط في “ما تقوله”، بل في “أين ومتى تقوله”. فدمج المحتوى داخل تجربة المتجر هو ما يحوّله من عنصر مساعد إلى أداة تأثير فعّالة.
صفحات المنتج: أكثر من مجرد مواصفات
- لا تكتفِ بعنوان وسعر وصورة.
- أضف شرحًا عمليًا، فيديوهات استخدام، وحتى أسئلة شائعة.
- فكّر في صفحة المنتج كمقال إقناعي مصغّر، لا مجرد بطاقة تعريف.
هذا النوع من الصفحات يطمئن العميل ويقلل التردد.
المدونة: قاعدة المعرفة الذهبية
- اجعل مدونتك مصدرًا يجيب عن كل سؤال يدور في ذهن العميل.
- من اختيار المنتج المناسب إلى نصائح ما بعد الشراء.
- اربط التدوينات بصفحات المنتجات ذات الصلة مباشرة.
عندما تصبح مدونتك مرجعًا، تصبح منتجاتك هي “الخيار الطبيعي” للعميل.
البريد الإلكتروني: لا تكن مجرد بائع عروض
- لا ترسل خصومات فقط، بل أرفق معها محتوى مفيد وذكي.
- مثال: “3 طرق للاستفادة من منتجك الجديد”، أو “دليل العناية بعد الشراء”.
- أدمج المحتوى التعليمي والإلهامي بشكل ذكي داخل الرسائل.
بهذه الطريقة، يبقى بريدك مرحّبًا به في صندوق الوارد لا في سلة المهملات.
وسائل التواصل: جسر سلس بين المحتوى والشراء
- لا تضع رابط المنتج دون مقدمة.
- أنشئ محتوى جذّابًا (ريلز، صور، نصوص قصيرة) يقود بسلاسة إلى صفحة الشراء.
- استخدم القصص للتفاعل اللحظي، والمنشورات للتوجيه الذكي.
العميل السعودي اليوم يقرر من خلال الإنستغرام قبل الموقع فاجعل الرابط سلسًا وطبيعيًا.
المحتوى الناجح ليس ملفًا مرفقًا، بل تجربة مدمجة داخل كل جزء من المتجر، تُشعر العميل أنه لا يقرأ بل يعيش.
قياس نجاح التسويق بالمحتوى
بعد كل هذا الجهد في كتابة المحتوى، تصوير الفيديوهات، ونشر المقالات يأتي السؤال الكبير هل ينجح ما تفعله؟ في التسويق بالمحتوى للمتاجر الإلكترونية، لا مكان للتخمين المحتوى يجب أن يُقاس، لا يُفترض.
وإليك الطريقة:
مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) للمحتوى
هذه المؤشرات هي عدستك المكبرة لمعرفة ما إذا كان محتواك يعمل فعلاً أم مجرد ضيف ثقيل على الإنترنت:
- الوقت في الصفحة: كم دقيقة يقضيها الزائر على مقالتك؟ كلما طالت المدة، دلّ ذلك على أن المحتوى جذّاب ومفيد.
- معدل التحويل (Conversion Rate): هل يضغط الزائر على رابط الشراء؟ هل يشترك في القائمة البريدية؟ هذا الرقم يخبرك إن كنت تحوّل القارئ إلى عميل.
- معدل العودة (Return Visits): كم مرة يعود الشخص نفسه لزيارة متجرك؟ المحتوى الجيد لا يُقرأ مرة واحدة.
- عدد المشاركات أو التفاعل: كم مرة تمت مشاركة مقالتك؟ هل حصلت على تعليقات؟ هذه إشارات قوية على مدى تأثيرك.
هذه الأرقام لا تُخبرك فقط بما نجح، بل تكشف ما يحتاج تحسينًا أيضًا.
أدوات تحليل الأداء
لن تحتاج إلى عصا سحرية فقط إلى أدوات ذكية:
- Google Analytics: أداة لا غنى عنها، تُظهر لك كيف يتفاعل الزوّار مع محتواك، ومن أين يأتون، وأين يغادرون.
- Heatmaps (خرائط الحرارة): تريك بالضبط أين ينقر الزائر، وأين يتوقف.
- نظام إدارة علاقات العملاء (CRM): يساعدك في تتبّع أثر المحتوى على المبيعات والعلاقات طويلة الأمد.
الفكرة ليست فقط في جمع الأرقام، بل في تفسيرها لاتخاذ قرارات أفضل.
تجربة أنواع مختلفة من المحتوى (A/B Testing)
قد تكتب مقالًا رائعًا، لكنه لا يؤدي الغرض المطلوب، الحل أن تجرّب، مثلًا:
- غيّر العنوان، أو الصورة، أو حتى ترتيب الفقرات.
- قدّم نسختين مختلفتين من نفس الرسالة، وشاهد أيّهما تحقق أداء أفضل.
A/B Testing يشبه اختبار القيادة لا تعرف السيارة المناسبة إلا بعد التجربة.
تذكّر ما لا يُقاس لا يمكن تحسينه، والمحتوى الناجح ليس هو الأجمل فقط بل هو الأكثر تأثيرًا.
أخطاء شائعة في تسويق المحتوى للمتاجر الإلكترونية
بعد ما بذلت جهدك في التخطيط والكتابة والتحليل، آخر شيء تريده هو أن يُضيّع مجهودك خطأ بسيط أو متكرر.
في التسويق بالمحتوى للمتاجر الإلكترونية، هناك أخطاء شائعة قد تبدو صغيرة، لكنها تؤثّر بشكل كبير على الأداء، خصوصًا في السوق السعودي حيث المنافسة شرسة وسقف توقعات العميل عالٍ.
إليك أبرز هذه الأخطاء، واحرص على الابتعاد عنها:
- التركيز على البيع المباشر: المحتوى يتحوّل إلى “إعلان مقنّع” بدون قيمة حقيقية.
- تكرار الرسائل على كل المنصات: نسخ ولصق نفس الكلام على إنستغرام، تويتر، والبريد؟ النتيجة ملل وإيقاف متابعة.
- تجاهل تحسين المحتوى للسيو (SEO): كتابة بلا كلمات مفتاحية أو بنية واضحة؟ لن يجدك أحد في جوجل.
- إهمال قياس النتائج: لا تحلل الأداء؟ إذًا كيف تعرف ما الذي يعمل وما لا؟
- استهداف جمهور واسع جدًا: محاولة إرضاء الجميع تُفقدك جمهورك الحقيقي.
- غياب صوت العلامة التجارية: محتوى بلا شخصية أو أسلوب واضح؟ لا أحد سيتذكرك.
- إهمال تحديث المحتوى القديم: مقالات من 2020 بروابط ميتة؟ هذا محتوى متحف، لا محتوى تسويقي.
تذكّر أن النجاح في المحتوى لا يكون بكثرة المنشورات، بل بجودتها، وبتجنّب الوقوع في الفخاخ التي مرّ بها غيرك.
أمثلة واقعية من متاجر ناجحة
بعد كل ما تحدّثنا عنه من استراتيجيات ونصائح، حان وقت التطبيق على أرض الواقع، المحتوى الناجح لا يُقاس فقط بالكلمات الجميلة، بل بالنتائج التي تُحدث فرقًا.
ومن أبرز الأمثلة العالمية التي طبّقت التسويق بالمحتوى للمتاجر الإلكترونية بذكاء واستمرارية: منصة Etsy.
دراسة حالة: Etsy بناء هوية علامة تجارية قوية عبر المحتوى الموجّه
نظرة عامة:
- المنصة: Etsy (منصة عالمية لبيع المنتجات اليدوية والمستقلة).
- الاستراتيجية: بناء علاقة عميقة مع المجتمع عبر محتوى موجه يربط بين البائعين والعملاء، ويعزّز التفاعل في أكثر من قناة.
أبرز مكونات استراتيجية المحتوى لدى Etsy:
- Etsy Forum وEtsy Teams: مساحات مجتمعية للبائعين والعملاء لتبادل الخبرات وبناء حس انتماء.
- Etsy Journal: مدونة تنشر مقالات تعريفية، نصائح عملية، وقصص نجاح من قلب تجربة المستخدم.
- Seller Handbook: دليل شامل يغطي رحلة البائع كاملة؛ من إعداد المتجر، مرورًا بالتسويق، إلى خدمة العملاء.
- تحسين محركات البحث (SEO): اعتماد محتوى محسّن بالكلمات المفتاحية التعليمية والعملية لضمان الظهور في نتائج البحث.
- التفاعل على وسائل التواصل: محتوى بصري وقصصي عبر إنستغرام وفيسبوك وغيرها لزيادة التفاعل والمبيعات.
- الشراكات مع المؤثرين والبرامج التابعة: حملات تعاونية مع صناع محتوى لدعم الترويج العضوي وبناء ثقة جماهيرية.
هذه الأدوات مجتمعة خلقت لمتجر Etsy صوتًا وهوية، جعلته أكثر من مجرد “سوق إلكتروني” بل مجتمع ينبض بالإبداع.
النتائج والتأثير:
- تحوّلت المنصة إلى مساحة يشعر فيها البائع والمشتري بأنهما جزء من عائلة رقمية متعاونة.
- المحتوى الغني والموجّه ساعد في رفع معدل الشراء المتكرر وزيادة مدة التفاعل داخل المنصة.
- الردود والتفاعل من البائعين والعملاء مع المحتوى عززت من ولاء المستخدمين واستمرارهم.
هذه التجربة تُثبت أن المحتوى ليس فقط وسيلة للتسويق، بل أداة لبناء الثقة، والانتماء، والتميّز في سوق مزدحم.
ختامًا، لنعد إلى قصة سعود، هو لم يُغيّر منتجاته بل غيّر طريقته في الحديث عنها، وهذا بالضبط ما يصنعه التسويق بالمحتوى للمتاجر الإلكترونية لا يفرض الشراء، بل يفتح حوارًا يبني الثقة، ويقود العميل من فضول عابر إلى ولاء طويل الأمد.
ليس عليك أن تكتب كثيرًا، بل أن تكتب بذكاء. أن تفهم رحلة العميل، وتقدّم له المحتوى المناسب في اللحظة المناسبة.
وفي النهاية، العميل لا يتذكّر من صرخ “اشترِ الآن”، بل من فهمه قبل أن يطلب منه الشراء.
المصادر:
Retail Content Marketing Strategy: 5 Steps To Grow Your Audience (2024) – Shopify
What Content Works Best at Each Stage of the Customer Journey?
How To Use Ecommerce Content Marketing to Grow Your Brand (2024) – Shopify
10 Ways To Turn Visitors Into Customers – Marketing Insider Group
Key Metrics to Measure Content Marketing Performance
A Practical Guide to Content Marketing Metrics