في عام 2018، سجلت Nike أرباحًا إعلامية مجانية بلغت 43 مليون دولار، وارتفعت مبيعاتها بنسبة 31% وكل ذلك بسبب الدعاية السلبية!
نعم، لم يكن ذلك خطأ مطبعيًا ولا معجزة، بل نتيجة حملة إعلانية مثيرة للجدل بطلها لاعب كرة قدم أمريكي يُدعى كولين كايبرنيك. شخصية مثيرة للجدل، وموقفه السياسي أشعل جدلًا كبيرًا في الولايات المتحدة حينها. وبمجرد أن ظهرت صورته في إعلان Nike، انفجرت وسائل التواصل غضب، سخرية، تأييد، هاشتاقات كل شيء كان على الطاولة.
لكن ما حدث بعد ذلك فاجأ الجميع. بدلاً من التراجع أو الاعتذار، Nike ضاعفت رهاناتها، واستفادت من الضجة، وحققت نتائج مذهلة.
بالتأكيد شركة شهيرة مثلها لن تدخل بمغامرة مثل هذه لولا الفهم العميق لجمهورها وخصوصًا الجيل الجديد الذي يشارك في كل قضية ويجعل منها تريند على الفور.
الدرس هنا واضح عندما تفهم جمهورك جيدًا، وتدير الأزمة بذكاء، قد تتحول الدعاية السلبية من لعنة إلى أداة تسويقية فعّالة.
فهل يمكن لأي شركة أن تستفيد من هذا النوع من الدعاية؟ وهل هو حقًا سلاح ذو حدّين؟ وما هو دور الدعاية السلبية في التسويق اليوم، خصوصًا في السوق السعودي؟
دعونا نبدأ من الأساس
تأثير الدعاية السلبية على العلامات التجارية
صحيح أن قصة Nike كانت مثالًا على استثمار الضجة لصالح العلامة، لكنها لا تمثل كل أوجه الدعاية السلبية.
فالواقع أكثر تعقيدًا أحيانًا تكون الضجة مقصودة وأحيانًا تهبط عليك فجأة كـ”ترند سلبي” غير محسوب.
فما هي هذه الظاهرة فعلًا؟ ولماذا أصبحت جزءًا لا يُستهان به من عالم التسويق الحديث؟
أولًا: ما هي الدعاية السلبية فعلًا؟
في عالم التسويق الرقمي، تُعرف الدعاية السلبية بأنها استراتيجية غير تقليدية وأحيانًا غير مقصودة تهدف أو تؤدي إلى جذب الانتباه وزيادة الوعي بالعلامة التجارية، حتى لو كان ذلك من خلال موقف جدلي أو انتقاد علني.
يمكن أن تنشأ من:
- جدل اجتماعي
- خطأ في حملة إعلانية
- موقف غير محسوب من أحد المؤثرين أو سفراء العلامة
وتنتشر عادة عبر:
- وسائل التواصل الاجتماعي
- المنصات الإخبارية
- المدونات أو تعليقات المستخدمين
والمثير للانتباه أن هذه الدعاية قد تؤدي إلى تفاعل كثيف، وزيادة في الظهور، وأحيانًا تحسين ترتيب العلامة على محركات البحث رغم أنها بدأت بنبرة سلبية!
ثانيًا: “أي دعاية خير من لا دعاية” لكن!
تقوم فكرة الدعاية السلبية على مبدأ قديم في الإعلام “أي دعاية، حتى وإن كانت سيئة، تظل أفضل من الغياب التام عن المشهد”، لكن الواقع الحديث يفرض مزيدًا من الحذر.
فبينما يمكن لبعض العلامات التجارية أن تحتوي الجدل وتحوله إلى تسويق ذكي، قد تتعرض أخرى لضرر طويل الأمد في السمعة والقيم إن لم تتعامل مع الموقف بذكاء.
وهنا يظهر دور الدعاية السلبية في التسويق كحدّ فاصل بين الفرص والمخاطر.
ثالثًا: كيف تختلف الدعاية السلبية عن الدعاية التقليدية؟
وجه المقارنة | الدعاية التقليدية | الدعاية السلبية |
التركيز | على إبراز مميزات المنتج | على عيوب المنافس |
الأسلوب | إيجابي، محفز، بنّاء | هجومي، نقدي، ساخر أحيانًا |
الرسالة | “منتجنا رائع” | “منتج غيرنا سيئ، ونحن الأفضل” |
الجمهور المستهدف | يبحث عن الفوائد | يتأثر بالإثارة والجدل |
والمفارقة أن الجمهور قد لا يتفاعل مع إعلان إيجابي بقدر ما يتفاعل مع إعلان فيه غمزة هجومية أو نغمة ساخرة. فهنا تبدأ العاطفة بالعمل، ويبدأ الدماغ في المقارنة والتحليل وحتى التفاعل على وسائل التواصل.
رابعًا: لماذا تنجح الدعاية السلبية نفسيًا؟
قد تتساءل لماذا يستمتع البعض بمشاهدة إعلان يهزأ بمنافس؟ أو لماذا تنتشر الأخبار السلبية أكثر من الإيجابية؟ الجواب يكمن في ظاهرة معروفة في علم النفس تُسمى “الانحياز السلبي” (Negativity Bias).
إليك بعض الأسباب التي تجعل الدعاية السلبية جذابة:
- العقل البشري يتذكر السلبيات أكثر: عقولنا مبرمجة للتركيز على التهديدات والعيوب.
- الفضول الطبيعي تجاه “الفضائح” والمشكلات: من منّا لا يضغط على عنوان مثل: “شركة X تقع في فضيحة كبرى”؟
- تأثير العاطفة: السخرية، الغضب، المفاجأة… كلها مشاعر تجذب الانتباه.
- ثقافة المشاركة: الناس يحبون مشاركة “الدراما” أكثر من مشاركة الأشياء الجميلة.
إذًا، الدعاية السلبية ليست دومًا أداة للدفاع، بل قد تكون هجومًا تسويقيًا استباقيًا، ومع أنها تلعب على الحافة، إلا أنها قد تحقق نتائج لافتة إن استُخدمت بذكاء.
تأثير الدعاية السلبية على العلامات التجارية
حسنًا، الآن وقد فهمنا طبيعة الدعاية السلبية، خصوصًا ذلك النوع الذي يُصوّب سهامه نحو المنافس، يبقى السؤال الأهم كيف تؤثر هذه الدعاية فعليًا على العلامة التجارية؟
هل هي دائمًا كارثية؟ أم يمكن أن تصبح صفقة رابحة في سوق مزدحم بالصراخ الإعلاني؟ الإجابة ليست سهلة، لكن دعونا نكشف خيوط اللعبة واحدة تلو الأخرى.
أولًا: متى تكون الدعاية السلبية ضربة موجعة؟
في كثير من الحالات، تؤدي الدعاية السلبية إلى:
- تراجع الثقة بالعلامة التجارية: الجمهور يشكك، يتردد، وربما يتحوّل لمنافس آخر.
- انخفاض مباشر في المبيعات: خصوصًا في القطاعات الحساسة مثل الغذاء أو التقنية.
- أضرار طويلة الأمد على السمعة: لأن الإنترنت لا ينسى ومنشور سلبي قد يعيش أطول من حملة كاملة!
- استنزاف وقت وموارد الشركة في الرد والدفاع.
ثانيًا: ومتى تكون الدعاية السلبية تسويقًا غير مباشر؟
هنا تبدأ الحكاية الممتعة.. بعض العلامات التجارية استطاعت أن تحوّل النقد إلى وقود دعائي. بل هناك من يتبنى مبدأ: “خالف تُعرف أو اشعل الجدل لتلفت النظر!”
أمثلة عالمية على ذلك:
- Tesla: كم مرة أثار “إيلون ماسك” الجدل بتصريحات غريبة؟ ومع ذلك، زادت مبيعات السيارات الكهربائية، وكأن الجدل جزء من الخطة.
- Dove: إحدى حملاتها التي تناولت قضايا الجمال أثارت انتقادات، لكنها أيضًا جلبت تعاطفًا وانتشارًا واسعًا.
- برندات مثل GoDaddy أو Benetton: تعمّدت إثارة الجدل في حملاتها، وساعدها ذلك في بناء صورة جريئة، خارجة عن المألوف.
وماذا عن السوق السعودي؟
في السياق المحلي، نلاحظ كيف أن مطاعم أو مقاهي جديدة قد تشتهر بسبب جدل على السوشال ميديا سواء كان عن الأسعار، أو الخدمة، أو حتى طريقة التغليف!
ثم يُفاجأ الجميع بطوابير أمام الفرع وكأن “الفضيحة” كانت حملة تسويق سرية!
ثالثًا: كلمة السر؟ الجمهور المستهدف
تأثير الدعاية السلبية يعتمد على:
- من هو جمهورك؟ هل هو واعٍ ويبحث عن القيم؟ أم سريع التفاعل وينجذب للضجة؟
- وكيف تستجيب الشركة؟ بالصمت؟ بالهجوم؟ بالفكاهة؟ هنا تُحسم النتيجة.
الشركات التي تعرف جمهورها خصوصًا الجيل السعودي الجديد، الواعي والرقمي تستطيع تطويع الضجة لصالحها بدلًا من أن تكون ضحيتها.
باختصار، تأثير الدعاية السلبية على العلامات التجارية ليس أبيض أو أسود، بل هو طيف رمادي طويل والنتيجة دائمًا بيد من يُحسن إدارة الموقف.
متى تصبح الدعاية السلبية “تسويقًا مجانيًا”؟
أمثلة على براندات استفادت من الانتشار رغم النقد (مثل براندات الملابس أو المطاعم أو التطبيقات).
تحدثنا في المحور السابق عن تأثير الدعاية السلبية على العلامة التجارية، وكيف يمكن أن تكون ضربة قاضية أو نقطة تحول. لكن ماذا لو قلنا لك إن بعض الشركات تدفع الملايين لتصنع “أزمة صغيرة” عن قصد؟ نعم، يبدو جنونيًا، لكنه يحدث فعلًا.
في عالم التسويق الحديث، الجدل قد لا يكون عدوًا، بل وسيلة مدفوعة الثمن لجذب الانتباه.
والمثير أن بعض الشركات لم تُصب فقط بضوء الشهرة بسبب ضجة سلبية، بل ارتفعت مبيعاتها، وانتشر اسمها، وكأن “الدراما” هي الحملة الإعلانية بحد ذاتها!
لماذا قد تتحول الدعاية السلبية إلى مكسب؟
بعض أشكال الدعاية السلبية قد تُسهم في تعزيز وعي الجمهور بالعلامة التجارية، بل وتؤدي إلى نتائج إيجابية، لكن ذلك يعتمد على عاملين رئيسيين:
- مدى شهرة العلامة التجارية مسبقًا: من يمتلك رصيدًا ذهنيًا لدى الجمهور، لا ينهار بسهول حين يتعرض للنقد أو الضجة، بل يتحول الحدث إلى فرصة.
- توقعات الجمهور: كلما كانت مرتفعة، زادت حساسية رد الفعل؛ وكلما كانت واقعية، زاد احتمال تقبّل الضجة بفضول لا بنفور.
الجدل يجذب الانتباه وهذه هي اللعبة!
الجدل يُحدث ما يُعرف بـ “طفرة الانتباه” (Attention Spike)، وهي لحظة قصيرة لكنها قوية من التركيز الإعلامي والجماهيري.
في عالم مشبع بالإعلانات والمحتوى، أصبح الانتباه عملة نادرة. لذا:
- الجدل = انتباه
- والانتباه = فرصة
- وإذا استُثمرت جيدًا = تسويق مجاني
لكن هذا النوع من التسويق المجاني ليس مناسبًا للجميع. بل هو فن السير على الحافة.
هل يصلح هذا في السوق السعودي؟
في بيئة مثل السوق السعودي، حيث التفاعل السريع والثقافة الرقمية في أعلى مستوياتها، قد يؤدي الجدل إلى:
- انتشار واسع في وقت قصير
- تفاعل جماهيري ضخم
- مناقشات قد تُسلّط الضوء على العلامة رغم نية الانتقاد
ولكن هذا لا يعني أن كل ضجة ستكون مفيدة. الجمهور السعودي واعٍ، ناقد، وسريع في رصد النوايا. لذلك، من يفتعل الجدل بلا هدف، قد يجد نفسه خارج اللعبة.
متى تكون “الدعاية السلبية تسويق مجاني”؟
إليك الظروف المثالية التي تُحول النقد إلى فرصة:
- عندما تكون الرسالة مثيرة للجدل لكن لا تمس القيم الأساسية للجمهور.
- حين تكون العلامة أصلاً معروفة ولها شخصية واضحة.
- إذا تعاملت الشركة مع الموقف برد فعل ذكي وسريع.
- والأهم: عندما يشعر الجمهور بأن الأمر يستحق الحديث والضحك أحيانًا!
الدعاية السلبية لا تضمن النجاح، لكنها قد تفتح بابًا للتألق إن كنت تعرف كيف تدخل وتغلقه بسرعة.
اقرأ أيضًا:
السمعة الرقمية: لا أحد آمن على الإنترنت فكن مستعدًا دائمًا
السيو SEO كرؤية استراتيجية: بناء علاقات، سمعة، وميزة تنافسية
كتابة الإعلان: دليلك لتحويل العبارات القصيرة إلى مبيعات كبيرة
خطة تسويقية في 30 يوم: جدول عملي لأصحاب المشاريع الصغيرة
كيف تسوّق لمشروعك قبل الإطلاق؟
مخاطر سوء استخدام الدعاية السلبية
الآن وقد تعرفنا على اللحظات التي يصبح فيها الجدل وقودًا مجانيًا للشهرة، قد تشعر ببعض الحماس لكن دعنا لا نُفرط في التفاؤل.
فكما أن بعض العلامات نجحت في ركوب موجة الضجة، هناك من اصطدمت بها وخرجت غارقة في بحر الاعتذارات والخسائر.
نعم، الدعاية السلبية قد تتحول إلى لعنة، خصوصًا عندما تكون بلا وعي، أو تأتي في وقت ومكان غير مناسب.
آثار الدعاية السلبية حين تخرج عن السيطرة
بحسب خبراء التسويق وسلوك المستهلك، فإن الدعاية السلبية غير المدروسة قد تؤدي إلى:
- خسارة فورية للعملاء
- انخفاض المبيعات بشكل ملحوظ
- تدهور الروح المعنوية لدى الموظفين
- تراجع الثقة العامة في العلامة
- احتمال التعرض لمساءلات قانونية أو تنظيمية
- تشويه طويل الأمد في صورة الشركة
والمشكلة الأكبر أن الإنترنت لا ينسى، فمنشور واحد غير موفق أو حملة فيها “زلة حساسية” قد تُلاحق العلامة لسنوات.
حين تتحوّل الضجة إلى سقطة أمثلة من الواقع
حالة بيبسي: إعلان “Live for Now” (2017)
بيبسي أطلقت إعلانًا تُشارك فيه العارضة كيندل جينر في مظاهرة، وتُقدّم عبوة بيبسي لشرطي، في لقطة تُوحي بأن المشروب كفيل بإنهاء التوتر الاجتماعي!
لكن المجتمع لم يشرب المزحة، الاتهامات بالاستخفاف بقضايا اجتماعية خطيرة اشتعلت، وتعرّضت بيبسي لانتقادات حادة، جعلتها تسحب الإعلان خلال 24 ساعة فقط.
والنتيجة، تضررت صورة الشركة، واتُّهمت بأنها منفصلة عن الواقع الاجتماعي والثقافي.
حالة H&M: كنزة “القرد الأكثر أناقة” (2018)
وضعت H&M صورة لطفل أسود البشرة يرتدي كنزة كُتب عليها “Coolest Monkey in the Jungle”، لتبدأ بعدها عاصفة انتقادات على السوشال ميديا، تتهم العلامة بالعنصرية والإساءة العرقية.
رغم أن النية قد لا تكون سيئة، إلا أن التاريخ الثقافي لعب ضدهم، والنتيجة:
- مقاطعة جماهيرية في عدة دول.
- مشاهير أعلنوا إنهاء تعاونهم مع العلامة.
- تراجع في صورة H&M لوقت طويل، رغم الاعتذار وسحب المنتج.
أحيانًا لا يكفي أن تعتذر، خصوصًا عندما تتجاهل حساسية الجمهور وثقافته.
كيف تتفادى العلامات هذا الفخ؟
حتى لا تتحوّل الدعاية السلبية من ضوء إعلامي إلى لهب يحرق العلامة، يجب على الشركات أن:
- تفهم جمهورها بعمق: ثقافيًا واجتماعيًا.
- تراجع الرسائل قبل إطلاقها: لا تفترض أن ما تراه “خفيفًا” سيكون كذلك للجميع.
- تستعد بخطة استجابة سريعة: الأزمة لا تنتظر المدير الإقليمي ليرجع من إجازته!
- تُحسن التوقيت: المزاح في لحظة خاطئة قد يُكلفك ملايين.
الدعاية السلبية قد تجلب لك العناوين، لكنها قد تأخذ معها الثقة والمبيعات.
استراتيجيات التعامل مع الدعاية السلبية
بعد أن شاهدنا كيف يمكن أن تتحوّل الدعاية السلبية إلى كابوس تسويقي حقيقي، يبقى السؤال الأهم، هل هناك طريقة لإخماد النار قبل أن تلتهم الصورة الذهنية للعلامة؟
الإجابة تبدأ هنا في استراتيجيات المواجهة الذكية.
أولًا: الاستجابة السريعة قبل أن يشتعل وسم “قاطعوهم!”
السر الأول في احتواء الأزمة هو السرعة. فكل دقيقة تتأخر فيها العلامة في الرد، قد تفتح الباب لموجة انتقادات جديدة.
- لا تنتظر اكتمال جميع المعلومات
- ابدأ بإصدار بيان أولي محترم ومتوازن
- أظهر فيه أنك سمعت وتهتم
في السوق السعودي، حيث تنتشر التغريدات والمنشورات كالنار في الهشيم، التأخير في الرد يُعتبر في حد ذاته خطأ إضافيًا.
ثانيًا: الشفافية بدل التبرير قل الحقيقة، لا الحكاية
لا أحد يحب الأعذار المعلبة وإذا شعرت الجماهير أنك تُجمّل الواقع أو تتجاهل المشكلة، فثق أن العاصفة ستكبر.
ما الذي ينفع أكثر؟
- الاعتراف بالخطأ (إن وجد)
- شرح ما حدث بوضوح
- إظهار النية الحقيقية في التصحيح
تذكر أن الشفافية لا تضعف العلامة، بل تعزز صورتها الإنسانية.
ثالثًا: حوّل النقد إلى فرصة للتطوير
الدعاية السلبية ليست نهاية العالم، بل قد تكون بداية تحسين حقيقي، افتح أذنيك جيدًا، وبدل أن تقول: “لسنا مخطئين”، جرّب أن تقول: “نقدكم أوصل لنا رسالة، وسنبدأ تحسين التجربة فورًا”.
هذا النوع من التفاعل يخلق علاقة ثقة مع الجمهور، وقد يُحوّل المشتكي إلى مدافع شرس عنك لاحقًا!
رابعًا: الفكاهة فقط عندما تكون ذكيًا جدًا
نعم، أحيانًا يمكن استخدام الفكاهة اللطيفة لامتصاص الغضب، لكن بشرطين:
- أن يكون الموضوع خفيفًا وغير حساس
- وأن تكون الفكاهة محترفة، لا تهكّمية
في السوق السعودي، هناك حساسية عالية من بعض المواضيع، لذا لا تمزح إن لم تكن واثقًا تمامًا أن جمهورك سيتقبّل المزحة!
خامسًا: لا تترك الموظفين وحدهم في العاصفة
الموظفون، خصوصًا من يمثلون العلامة على الأرض أو على الهاتف أو خلف الشاشة، هم الخط الأمامي للأزمة.
- زوّدهم بردود جاهزة
- درّبهم على التفاعل بهدوء
- امنحهم صلاحية التهدئة
فهؤلاء إما أن يكونوا درعك الأول أو أول من يتسبب في مزيد من المشاكل!
سادسًا: تابع القصة بعد أن تهدأ لا تغلق الملف مبكرًا
الكثير من العلامات تُصدر بيانًا، ثم تختفي، ظنًّا منها أن القصة انتهت، لكن الجمهور لا ينسى بهذه السهولة. فاحرص على أن:
- تُشارك خطوات التصحيح الفعلية
- تُظهر تغييرات ملموسة
- وتعيد بناء العلاقة مع الجمهور تدريجيًا
هذه الخطوة مهمة جدًا في دور الدعاية السلبية في التسويق، لأنها تحوّل الأزمة من مجرد “حادث مؤلم” إلى “درس محترف”.
الدعاية السلبية بحال أخفقت، ليست دائمًا نهاية الرحلة لكن تجاهلها أو التعامل معها بخفة قد يجعلها كذلك.
نصائح للشركات الناشئة
جميل أن تمتلك العلامة التجارية خطة واضحة لإدارة الدعاية السلبية، لكن ماذا عن الشركات الناشئة التي ما زالت تتعلم أبجديات الظهور؟
هنا، يختلف المشهد تمامًا، وتصبح كل خطوة محسوبة بعناية فالمجال مفتوح، لكن الهامش ضيق، كما أنها لا تمتلك دائمًا ترف المجازفة، لأن الخطأ الأول قد يكون الأخير.
إليك أهم النصائح:
أولًا: لا تُغامر بالجدل إن لم تكن مستعدًا تمامًا
- الشركات الناشئة ما تزال في مرحلة بناء الثقة، لذا أي ضجة سلبية قد تفسد صورتها قبل أن تتشكل.
- الجدل لا يصنع علامة تجارية بل يُختبر على علامات لها جمهور وحضور.
ثانيًا: اعمل على خطة “ما قبل الأزمة”
- ضع خطة لإدارة السمعة قبل أن تظهر أول تغريدة غاضبة.
- عيّن شخصًا مسؤولًا عن رصد ما يُقال عنك على المنصات الرقمية.
- حضّر رسائل جاهزة للطوارئ فالدفاع المتأخر لا يسمعه أحد.
ثالثًا: التفاعل بذكاء لا بردود انفعالية
- لا تُهاجم المنتقدين ولا تتجاهلهم.
- اختر نبرة مهنية، متفهمة، وغير دفاعية.
- أحيانًا يكون الصمت الذكي، متبوعًا بالفعل، أقوى من مئة بيان صحفي.
رابعًا: اعرف جمهورك قبل أن “تفاجئه”
- لا تطلق إعلانًا غريبًا أو حملة جريئة إلا إذا كنت متأكدًا أن جمهورك سيتفاعل معها بإيجابية.
- في السوق السعودي، القيم الثقافية والدينية والاجتماعية يجب أن تكون حاضرة في كل قرار تسويقي.
خامسًا: تعلم من أخطاء الكبار بدون أن تدفع ثمنها
- راقب كيف تعاملت شركات كبرى مع الأزمات.
- اجعل تجاربهم “مختبرك المجاني”، وابنِ على نجاحاتهم وتجنّب زلّاتهم.
الدعاية السلبية قد تصنع موجة، لكن الشركات الناشئة لا تحتمل الغرق في أول تيار، الذكاء هنا ليس في صناعة الجدل، بل في النجاة منه إن فُرض عليك.
ختامًا، في زمن التريند لم تعد الدعاية السلبية شيئًا يُخجل منه دائمًا، لكنها بالتأكيد ليست ملعبًا مفتوحًا للجميع.
العلامات الذكية لا تُشعل الحرائق لمجرد لفت الانتباه، بل تعرف متى تُشعل شمعة وسط الظلام، ومتى تُطفئ النور قبل أن ينقلب عليها.
فكّر مليًا قبل أن تلعب بورقة الجدل فقد تربح شهرة، أو تخسر كل شيء.
المصادر:
10 Profitable Controversial Marketing Examples
What is Negative Advertising: Basics | SendPulse