تخيل أن مشروعك مثل سيارة جديدة تمامًا. أنيقة، متقنة، ومليئة بالإمكانات، والسؤال الذي يجب أن تفكر به حين تريد الإنطلاق بها نحو وجهة جديدة، هل وضعت المفتاح في المكان الصحيح؟ هل عرفت الطريق؟ أم أنك ما زلت تدور في نفس الدوّار التسويقي، دون أن تصل إلى وجهتك؟
في السوق السعودي اليوم، المنافسة ليست سهلة، والعميل لا ينتظر طويلاً. لذلك، لا يكفي أن يكون منتجك رائعًا أو خدمتك مُتقنة، بل الأهم: كيف تُعرّف الناس بها؟ كيف تجذب الانتباه؟ ومتى تضرب ضربتك الذكية؟
لهذا السبب جهزنا لك خطة تسويق ميدانية على مدار 30 يومًا. ليست تنظيرًا أكاديميًا، ولا شعارات براقة… بل جدول عملي، منظم، قابل للتنفيذ، يساعدك على فهم مشروعك أولًا، وبناء هوية واضحة، ثم جذب جمهورك خطوة بخطوة.
سنبدأ من الجذور، ونصعد إلى الأعلى، وكل ما تحتاجه هو: قليل من التركيز، ساعة واحدة يوميًا، ونيّة حقيقية في تطوير مشروعك.
هل تبدأ معنا من اليوم الأوّل الخطة التسويقية لمشروعك؟ هيا بنا، فالخطوة الأولى هي الأهم.
خطة تسويقية لمشروعك لـ 30 يوم
اليوم 1–3: افهم مشروعك قبل أن تسوّقه
لقد اتفقنا في المقدّمة أنّ التسويق الناجح لا يبدأ من “ماذا أنشر؟”، بل من سؤال أعمق: “ماذا أقدّم؟ ولمَن؟ ولماذا؟”
فإن لم تكن الرؤية واضحة من البداية، فلن تُجدي الحملات نفعًا، حتى لو كانت مصمّمة باحتراف.
خلال الأيام الثلاثة الأولى من تنفيذ الخطة التسويقية، هدفك هو أن تمسك بخيوط مشروعك بيدٍ ثابتة، وتفهمه من الداخل قبل أن تعرضه على الخارج. دعنا نبدأ:
ما هو منتجك أو خدمتك؟ قلها ببساطة!
قد يدهشك كم من أصحاب المشاريع يعجزون عن شرح منتجهم بجملة واحدة واضحة! لذا اسأل نفسك: لو قابلت عميلًا محتملًا في مصعد، كيف ستعرّف عن مشروعك خلال 30 ثانية؟
الوضوح هنا ليس ترفًا، بل ضرورة تسويقية. فالغموض يربك الجمهور، والوضوح يفتح الأبواب.
مثلًا:
- بدل أن تقول “نقدّم حلولًا تقنية متكاملة”
- قل “نصمّم مواقع إلكترونية سريعة وسهلة الاستخدام لأصحاب المشاريع الصغيرة”
من هو جمهورك المستهدف؟ حدّد لا تعمّم
كلّما قلتَ “مشروعي يناسب الجميع”، زادت احتمالية ألّا يهتم بك أحد. فكّر في:
- الجنس رجال؟ نساء؟ كلاهما؟
- الفئة العمرية
- الموقع الجغرافي هل تستهدف السوق المحلي السعودي؟ منطقة محددة؟
- نمط الحياة أو الاهتمامات، مثلًا موظفون يبحثون عن وجبات صحية سريعة
راجع حسابات عملائك الحاليين أو المنافسين على إنستغرام من يعلّق؟ من يشتري؟ هذه إشارات مفيدة.
ما المشكلة التي تحلّها؟ وما الحل الذي تقدّمه؟
المستهلك لا يشتري المنتج فقط، بل يشتري النتيجة أو الراحة أو التحسين الذي يحصل عليه بسبب منتجك. اسأل نفسك:
- ما الألم أو التحدي الذي يواجهه العميل؟
- كيف يخفّف منتجي من هذا الألم؟
- هل يمكنني التعبير عن هذا الحل بلغة يفهمها ويشعر بها العميل؟
مثلًا:
- لا تقل “نحن نوفّر استشارات مالية”
- بل “نساعدك على تنظيم مصاريفك وتوفير أكثر شهريًا، بدون وجع رأس”
تحليل مبسّط: SWOT
نعم، حتى لو كنت تدير مشروعًا من غرفتك، يستحق الأمر أن تجلس مع ورقة وتكتب التالي:
- نقاط القوة (S): ما الذي تفعله جيدًا؟ ما يميّزك عن غيرك؟
- نقاط الضعف (W): ما الذي يحتاج إلى تحسين؟ خدمة العملاء؟ التوصيل؟
- الفرص (O): هل هناك فجوة في السوق لم تُغطّ بعد؟
- التهديدات (T): من ينافسك؟ ما المخاطر المحتملة؟
لا تبحث عن الكمال، بل عن الوضوح. تحليل SWOT البسيط اليوم، سيوفّر عليك قرارات خاطئة غدًا.
في الأيام الثلاثة الأولى، لا تُرهق نفسك بالإعلانات ولا بعدد المتابعين. ركّز على الفهم العميق لمشروعك، فالتسويق القوي يبدأ من الداخل… ومن يعرف نفسه، يسهل عليه أن يُعرّف الآخرين بها.
اليوم 4–7: حدد أهدافك التسويقية بوضوح
الآن بعد أن فهمت مشروعك جيدًا ماذا تقدّم؟ لمن؟ ولماذا؟ جاء وقت أن تسأل السؤال الذهبي: “ماذا أريد من هذا التسويق؟”
التسويق الناجح لا يعمل بـ”حظك اليوم”، بل بخطة دقيقة تبدأ بهدف واضح، يُقاس ويتابع ويُعدّل إن لزم الأمر.
لذلك، مهمّتك خلال هذه الأيام الأربعة هي أن تُخرج التسويق من خانة “التجريب العشوائي”، وتدخله إلى خانة “الأهداف الذكية” (SMART Goals).
اختر هدفًا رئيسيًا واضحًا: لا تحاول الإمساك بكل شيء دفعة واحدة
السؤال الأوّل الذي تحتاج إلى الإجابة عليه هو: ما الهدف الرئيسي من جهودك التسويقية حاليًا؟
اختر هدفًا واحدًا في البداية، مما يلي:
- زيادة الوعي بالعلامة التجارية: تريد الناس أن يعرفوا بوجودك، يتحدثوا عنك، ويتذكّروك.
- جذب عملاء جدد (Lead Generation): تسعى إلى جمع أرقام تواصل، رسائل، أو زيارات لأخذ خطوة لاحقة (طلب عرض، استشارة، تجربة).
- زيادة الطلبات والمبيعات: تريد أن يتحوّل الزائر إلى عميل فعلي.
- بناء مجتمع متفاعل: تركز على التعليقات، المشاركات، والرسائل، لأنك ترى أن التفاعل هو بوابة الولاء.
لا بأس أن تطمح لكل ما سبق، لكن ليس في آنٍ واحد. ركّز على هدف واحد رئيسي، ثم اعمل على تحقيقه.
اجعل الهدف قابلاً للقياس: كيف تعرف أنك نجحت؟
لا يكفي أن تقول: “أريد المزيد من المتابعين”، بل اسأل: كم؟ في أي فترة؟ وكيف سأعرف أني على الطريق الصحيح؟
استخدم قاعدة الأهداف الذكية (SMART):
S – Specific (مُحدَّد):
حدِّد بالضبط ما ستعمل عليه.
«أريد زيادة عدد زيارات موقعي» بدلاً من «أريد أن أتحسّن».
M – Measurable (قابل للقياس):
اربط الهدف برقم تستطيع تتبّعه.
«أريد الوصول إلى 300 زيارة جديدة خلال أسبوعين».
A – Achievable (قابل للتحقيق):
تأكّد أنّ الرقم منطقي في ضوء مواردك وحجم المشروع الحالي.
إذا كان موقعك يحصل على 20 زيارة يوميًا الآن، فاستهداف 300 زيارة في 14 يومًا يُعَدّ هدفًا يمكن تحقيقه.
R – Relevant / Realistic (واقعي وذو صلة):
اختر هدفًا يخدم استراتيجيتك العامة ويمكن تحقيقه في ظروفك الحالية.
لا تسعَ إلى 10 000 زيارة في أسبوع إذا كنت ما زلت في مرحلة الإطلاق الأولى.
T – Time-bound (مُحدَّد بالزمن):
حدِّد إطارًا زمنيًا واضحًا لبداية الهدف ونهايته.
«خلال 7 أيام» أو «بنهاية هذا الشهر».
اختر مؤشرات الأداء المناسبة (KPIs)
لكل هدف أدوات قياس مختلفة. اختر ما يناسب هدفك:
الهدف | مؤشرات الأداء |
زيادة الوعي | عدد المشاهدات، مرات الظهور (reach/impressions)، عدد المتابعين الجدد |
جذب العملاء المحتملين | عدد الرسائل، طلبات التواصل، النقرات على رابط واتساب أو موقع |
زيادة الطلبات | عدد الطلبات، قيمة المبيعات، معدل التحويل |
بناء التفاعل | عدد الإعجابات، المشاركات، التعليقات، الرسائل |
مثلًا، إذا كنت تروّج لخدمة استشارات مالية، فهدفك قد يكون: “الحصول على 10 رسائل استفسار خلال أسبوع”، وتقيسه بعدد رسائل إنستغرام أو زيارات رابط واتساب.
خلال هذه الأيام، لا تنشر لمجرد النشر، ولا تعلن لمجرد الظهور. حدّد ماذا تريد أن تحقق، واختر أداة القياس المناسبة. لأن من لا يملك هدفًا واضحًا، سيتعب في الطريق… دون أن يصل.
الأسبوع 2 من الخطة التسويقية (اليوم 8–14): بناء البنية الأساسية للتسويق
الآن بعد أن عرفت هدفك التسويقي بوضوح، حان الوقت لأن تمهّد له الطريق الصحيح. فكما لا تنطلق سيارة في طريق غير معبّد دون مخاطر، لا تنجح حملة تسويقية بدون بنية واضحة حسابات مرتّبة، هوية متناسقة، وعرض يُغري العميل ليقترب أكثر.
في هذا الأسبوع، نركّز على الأساس الرقمي لمشروعك مظهره، نبرته، وطريق تواصله مع العميل. وهنا تبدأ المعايير الاحترافية بالظهور.
اختر المنصّات المناسبة: لا تظهر في كل مكان بل في المكان المناسب
وفقًا للخبراء فإن الخطوة الأولى في أي خطة تسويق رقمي هي اختيار المنصّة المناسبة حسب جمهورك وهدفك، وليس بناء حساب في كل تطبيق متاح.
- إنستغرام: الأفضل للأعمال البصرية مطاعم، تصميم، أزياء، منتجات
- سناب شات: فعّال في التواصل اليومي السريع، خصوصًا للمحتوى خلف الكواليس
- تويتر (إكس): يناسب المشاريع ذات المحتوى التخصصي أو التوجّه المحلي
- تيك توك: فعّال لمن يقدّم محتوى خفيف، سريع، ويستهدف جمهورًا شابًا
- واتساب للأعمال: قناة مباشرة للتواصل والتحويل، خصوصًا في السوق السعودي
لا تبنِ حساباتك “بالكم”، بل بالكيف. التركيز على منصّة أو اثنتين بإدارة جيّدة، أفضل من خمسة حسابات مهملة.
جهّز بروفايل احترافي: الهوية أولًا ثم التفاصيل
عندما يزور العميل حسابك، أمامك ثوانٍ معدودة لتكسب انتباهه أو يخسر اهتمامه. إليك قائمة الأساسيات:
- الصورة الشخصية: شعار واضح، بجودة عالية
- اسم المستخدم: بسيط، مفهوم، يعبّر عن المشروع (ويُفضّل أن يكون موحّدًا عبر كل المنصات)
- الوصف (Bio): تعريفي، مباشر، بلغة ودّية. مثل: “حلويات منزلية بطابع سعودي – توصيل داخل الرياض – اطلب الآن عبر واتساب”
- رابط مهم: سواء موقع، متجر، نموذج طلب، أو رابط مجمّع (مثل Linktree أو Linkr.bio)
ينبه الخبراء إلى أهمية “الانطباع الرقمي الأول” لا تستهِن به، فهو أحيانًا كل ما يراه العميل.
صمّم هوية بصرية موحّدة المحتوى لا يُقدَّم عاريًا
الهوية البصرية الموحدة تزيد من التعرف على البراند بنسبة قد تتجاوز 80٪. والهوية هنا لا تعني التعقيد، بل التناسق.
- الألوان الأساسية والثانوية 3 ألوان كافية
- نوع الخط المستخدم في التصاميم واضح وسهل القراءة
- نمط ثابت للصور والمنشورات إطار، توقيع، أو علامة صغيرة تميّزك
- نبرة المحتوى: شبابية؟ رسمية؟ مرِحة؟ اختر واحدة وابقَ عليها
لا تحتاج إلى مصمّم دائم، بل إلى قوالب جاهزة قابلة للتعديل، استخدم أدوات مثل Canva أو Adobe Express.
أطلق عرضًا تسويقيًا بسيطًا ولا تقلل من شأن “الباقة الأولى”
تقديم عرض تحفيزي في بداية الترويج يُسرّع من جذب العملاء ويختبر مدى تفاعل الجمهور مع الخدمة. أمثلة على عروض تحفيزية:
- خصم للطلب الأول
- باقة مجمّعة بسعر خاص مثال: تصميم + استشارة
- منتج مجاني صغير عند أول طلب
- محتوى مجاني قابل للتحميل مثل دليل PDF
المهم أن يكون العرض مرتبطًا بهدفك التسويقي، لا مجرد خصم عشوائي.
أنت الآن تبني “منزلك الرقمي” فاحرص أن يكون نظيفًا، متناسقًا، سهل الوصول، ويشبهك. الأساس القوي لا يُرى دائمًا، لكنه ما يحمل المشروع بثبات في خطواته القادمة.
الأسبوع 3 (اليوم 15–21): أنشئ محتوى يجذب ويبيع
الآن وقد ثبّتّ أساساتك الرقمية، وحضّرت منصاتك بهوية متناسقة، حان الوقت لتتحدث. لكن تذكّر: في التسويق، ليس كل “كلام” يُسمع، ولا كل منشور يُقرأ. والمحتوى الفعّال لا يُنشر لمجرد النشر، بل يُصمَّم ليؤثّر، ويُخطّط له ليقود جمهورك خطوة نحو هدفك التسويقي.
هذا الأسبوع، سنركّز على “ما تقول، وكيف، ولمَن، ومتى؟”
ضع خطة محتوى بسيطة تكفيك 3–4 منشورات أسبوعيًا
وفقًا للخبراء لا تحتاج إلى جدول مزدحم كي تنجح، بل إلى خطة واقعية قابلة للاستمرار. ابدأ بالأسبوع الواحد، ودوّن:
- عدد المنشورات 3 إلى 4 كافٍ تمامًا
- نوع كل منشور (سنوضحه في النقطة التالية)
- الهدف من كل منشور وعي؟ تفاعل؟ طلب؟
- المنصة المستهدفة قد تختلف حسب نوع المحتوى
- وقت النشر جرّب، لاحظ، ثم اضبط
لا تُجهد نفسك بالإبداع الخارق، بل ركّز على الاستمرارية والتناسق. جمهورك يريد أن يعرفك أولًا، لا أن تُذهله من البداية.
استخدم أنواع المحتوى الأربعة: التنوّع سرّ الجذب
المحتوى التسويقي ليس إعلانًا دائمًا، بل حوار مستمر بينك وبين عميلك المحتمل. وهنا توصية واضحة قدّم قيمة حقيقية قبل أن تطلب مقابلًا. جمهورك يتفاعل مع من يساعده، لا مع من يبيع له فقط.
إليك 4 أنواع رئيسية للمحتوى، رتّبها على مدار الأسبوع:
- تعليمي: شارك معلومة، فكرة، أو نصيحة مرتبطة بمجالك مثل “5 طرق لاختيار فستان زفاف مناسب لجسمك” (إذا كنت مصممة)
- قصصي: احكِ حكاية حقيقية أو من وحي التجربة مثل “أول عميلة طلبت من مشروعي، وهذا ما حدث”
- تفاعلي: اسأل، اعرض خيارات، أطلق استطلاعًا “وش تفضّلون أكثر؟ الشوكولاتة بالحليب أم الداكنة؟”
- توثيقي تحويلي: أظهر منتجك خدمتك بشكل مباشر وجذّاب صورة، فيديو، تقييم عميل، أو قبل بعد
انتبه لكل منشور “رسالة واحدة” و”دعوة واحدة للتفاعل”. لا تكدّس الأفكار.
جرب محتوى ممول بسيط بميزانية صغيرة وذكية
التوصية هنا واضحة الإعلانات لا تُستخدم لتعويض ضعف المحتوى، بل لتضخيم أثره. ابدأ بمحتوى عضوي أثبت تفاعلًا جيّدًا، ثم جرّب ترويجه:
- اختر منشورًا حصل على تفاعل جيد طبيعيًا
- حدّد هدف الإعلان زيارات؟ رسائل؟ متابعين؟
- استهدف جمهورًا بسيطًا: الموقع الجغرافي + الاهتمام + العمر
- اجعل الميزانية بين 50–100 ريال كخطوة أولى
لا تدفع للإعلان قبل أن تتأكد أن البروفايل جاهز، وأنك تردّ على الرسائل بسرعة. لا تعلن إن كنت “غير حاضر”.
راقب… وتعلّم
كل منشور هو اختبار صغير. ما الذي جذب الانتباه؟ ماذا تجاهله الناس؟ ينبه الخبراء إلى أهمية مراجعة الأداء دوريًا، حتى لو بوسائل بسيطة مقارنة الإعجابات، الرسائل، أو زيارات الرابط. لا تحتاج أدوات معقّدة، فقط عين تلاحظ، ونيّة للتحسين.
المحتوى الجيّد لا يُخلق صدفة، بل يُبنى بخطة، وتُختبر نتائجه على الأرض. اصنع محتوى يُشبهك، ويشبه جمهورك… واجعل كل منشور خطوة ذكية نحو هدفك.
الأسبوع 4 (اليوم 22–28): راقب النتائج وعدّل الخطة
أحسنت! لقد وصلت إلى المرحلة التي يبدأ فيها التسويق بالكشف عن وجهه الحقيقي: هل ما نشرته أثّر؟ هل الإعلانات أثمرت؟ وهل جمهورك تفاعل كما توقّعت؟
في هذا الأسبوع، لن تضيف شيئًا جديدًا، بل ستقوم بما يسمّيه الخبراء: “الاستماع الرقمي” أي أن تترك الأرقام تتحدث، ثم تُحسن الإصغاء.
مراجعة الأداء لا تقل أهمية عن بناء الخطة نفسها، وهنا نبدأ.
راجع أداء المحتوى: ما الذي نَجح فعلًا؟
ابدأ بالنظر إلى منشوراتك السابقة خلال الأسبوعين الماضيين. اسأل:
- ما أكثر منشور حصل على تفاعل (إعجابات، تعليقات، مشاركات)؟
- ما نوع المنشور؟ (هل هو تعليمي؟ قصصي؟ عرض بيع؟)
- ما توقيت النشر؟ (صباحًا؟ مساءً؟ نهاية الأسبوع؟)
- هل تمّت مشاركته؟ أو حُفِظ؟
المنشورات التي تحصل على حفظ أو مشاركة، هي مؤشر على قيمة عالية وهي التي تستحق التكرار.
هل الإعلانات أدّت غرضها؟ قِس ولا تُخمِّن
إن كنت قد جرّبت إعلانًا ممولًا (حتى ولو بـ 50 ريالًا)، اسأل:
- كم عدد النقرات أو المشاهدات؟
- كم كلفك كل نقرة أو رسالة؟
- هل تحقّق الهدف الذي وضعتَه في البداية؟ (مثلاً: رسائل، طلبات، زيارات موقع)
تذكر من المهم أن يكون لكل إعلان هدف واضح ونتيجة قابلة للقياس، وإذا جذب الإعلان الانتباه دون طلبات فعلية، فربما تحتاج لمراجعة: الصياغة، الصورة، أو الجمهور المستهدف.
راجع جمهورك: هل تخاطب الأشخاص المناسبين؟
تفقّد معلومات المتابعين أو المتفاعلين:
- هل هم من نفس الفئة التي استهدفتها؟
- هل هناك جمهور غير متوقّع تفاعل معك؟
- هل تحتاج لتعديل الفئة العمرية أو المنطقة الجغرافية في الإعلانات القادمة؟
أحيانًا، السوق يخبرك أن جمهورك ليس كما كنت تتخيّل الذكي هو من يُعدّل الرسالة لا العناد في الخطة.
راجع توقيتات النشر والصياغة
يوصي خبراء التسويق بشدة بأن تجعل “تحليل الأداء” عادة أسبوعية. ملاحظات بسيطة مثل:
- “أفضل تفاعل يوم الجمعة مساءً”
- “القصص تنجح أكثر من المنشورات الثابتة”
- “السؤال في أول المنشور يجلب تفاعلًا أعلى”
… يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا في النتائج، إذًا لا تعِد اختراع العجلة، فقط لاحظ وكرّر ما أثبت نجاحه.
دوّن ما تعلّمته وعدّل جدولك القادم
الخطة الذكية هي الخطة القابلة للتعديل، لذا اكتب باختصار:
- ما المنشورات التي نجحت؟
- ما أنواع التفاعل التي تكرّرت؟
- ما يجب التخلّص منه أو تعديله؟
- ما فكرة جديدة ظهرت من خلال تجربة هذا الشهر؟
بناءً على ذلك، يمكنك صياغة جدول شهر جديد (سنتحدث عنه في المحور القادم)، مبني على بيانات حقيقية لا تخمينات.
البيانات لا تقتلك، بل تنقذك من التكرار العقيم. راجع، لاحظ، وكن مرنًا… فالتسويق الناجح ليس خطة ثابتة، بل استجابة ذكية لما يحدث على الأرض.
اقرأ أيضًا
كتابة إعلان قصير يحقق مبيعات: خطة 3-3-3 لنجاح إعلاناتك
نماذج رسائل خدمة العملاء: كيف ترد باحتراف وتكسب قلب العميل مع محفظته؟
رسائل السلات المتروكة: دليلك الذكي لاستعادة 30٪ من المبيعات التي كنت تظنها ضاعت!
إعلانات المطاعم: كيف تجعل العميل يجوع من أول نظرة؟
أسرار التسويق الذكي لمعارض السيارات: لا تكتفِ بالبيع بل اصنع تجربة لا تُنسى
أفكار خارج الصندوق لزيادة المبيعات
اليوم 29–30: صمّم جدول شهري مستمر قابل للتكرار
ها قد وصلت إلى نهاية خطتك… أو بالأحرى، إلى بدايتها الحقيقية! فالذكاء في التسويق لا يكمُن في البدء القوي فحسب، بل في الاستمرارية الذكية.
ما قمت به طوال هذا الشهر هو بناء تجريبي، والآن حان وقت “النظام” جدول شهري قابل للتكرار، مبني على ما نجح، ومحسّن من خلال ما تعلّمته.
وكما يقول الخبراء: “إذا أردت نموًا ثابتًا، لا تُراهن على الحماس اللحظي، بل على التكرار المُنظّم”.
راجع الشهر الأول: ما الذي يستحق التكرار؟
عد خطوة إلى الوراء، ودوّن ببساطة:
- أكثر نوع محتوى جلب تفاعلًا تعليمي؟ قصصي؟ عرض؟
- أفضل توقيتات النشر
- الحملة أو المنشور الذي أدّى إلى طلب فعلي
- صيغة الإعلان التي جذبت العملاء
تكرار الاستراتيجيات الناجحة هو أفضل نقطة انطلاق لأي خطة مستمرة لا تبدأ من الصفر، بل من النقطة التي أثبتت نجاحها.
أنشئ جدولًا شهريًا مرنًا لا جامدًا
خطتك الشهرية لا تعني أنك تقرر كل شيء الآن، بل تضع هيكلًا عامًا يمكن أن يتكيّف مع الأحداث والفرص.
نموذج بسيط:
الأسبوع | عدد المنشورات | النوع المقترح |
الأسبوع 1 | 3–4 | تعليمي + تفاعلي + قصة عميل |
الأسبوع 2 | 3–4 | عرض + فيديو توثيقي + سؤال للجمهور |
الأسبوع 3 | 3–4 | محتوى تحويلي + تقييم عميل + منشور قصير |
الأسبوع 4 | 3–4 | إعادة نشر محتوى ناجح + إعلان ممول |
وجود نمط ثابت وليس متكرر حرفيًا يساعد على الحفاظ على الجودة والاتساق، ويقلّل من “التفكير الزائد”.
حدّد 3 أهداف رئيسية للشهر القادم
كما فعلت في الأسبوع الأول، كرّر الخطوة لكن بناءً على ما تعلّمته. اسأل:
- ما الذي أريد زيادته هذا الشهر؟ (تفاعل؟ طلبات؟ متابعين؟)
- كيف سأقيس التقدّم؟
- ما الذي سأُعدّل لتحقيق هذه الأهداف؟
مثلاً “زيادة عدد الرسائل عبر إنستغرام بنسبة 20٪ خلال هذا الشهر”، هدف واضح، واقعي، قابل للقياس.
خصّص ساعة أسبوعيًا لتحديث ومراجعة الخطة
من المهم جدًا تحويل التقييم إلى عادة، لا إلى مناسبة موسمية، اجعل لنفسك موعدًا ثابتًا كل أسبوع مثلًا، مساء الأحد لمراجعة ما يلي:
- أداء منشورات الأسبوع
- أفضل/أسوأ محتوى
- هل تحقق الهدف المرحلي؟
- هل تحتاج إلى تعديل الجدول القادم؟
ساعة واحدة أسبوعيًا كافية لتبقى خطتك حيّة… وأنت أيضًا.
النجاح في التسويق لا يصنعه “منشور قوي”، بل نظام بسيط يتكرّر ويُطوَّر باستمرار. ابدأ شهرًا جديدًا بخطّة مدروسة، وجدول مرن، وأهداف واقعية… وهكذا، يتحوّل التسويق من مهمة متعبة إلى عادة ناجحة، فالتسويق ليس سباقًا سريعًا، بل مشوار يتطلّب وعيًا، ثباتًا، وتعلّمًا مستمرًا.
خلال 30 يومًا، وضعتَ الأساس، حدّدت الهدف، صنعت المحتوى، اختبرت، وراجعت، والآن، بين يديك خطة حقيقية لا تحتاج للكمال، بل للالتزام.
ابدأ بما تملك، طوّر ما تعرف، وكرّر ما نجح، ومع كل شهر جديد، سيكون مشروعك أقرب إلى الناس وإن شاء الله أقرب إلى النجاح.
المصادر:
Small Business Marketing: The Ultimate Guide | Salesforce EMEA
Setting the Stage: Defining Your Marketing Goals for Maximum Impact
Creating a 30-Day Social Media Plan
30 Day ‘Start a Business’ Challenge – GoDaddy Blog
Project marketing in project management | Firmbee
Your Next 30 Days in Marketing…
How to Plan a Marketing Calendar That Actually Works (Template)